“الصاد عن الشعر صادٌّ عن سبيل الله “
عموما هذه العبارة ليست من عندي؛ بل هي خلاصة ما وصل إليه إمام البلاغة الجرجاني في مقدمة #دلائل_الإعجاز
“بالإضافة إلى ذلك قد سبقه الخلفاء الراشدون وكبار الصحابة – رضي الله عنهم – في ضرورة تعليم الصبيان الشعر لما فيه من أهمية الشعر لهم.
أما عبارة الإمام الجرجاني فطويلة ماتعة؛ ومنها قوله: ”وذاك أنا إذا كنا نعلم أن الجهة التي منها قامت الحجة بالقرآن، وظهرت وبانت وبهرت، هي أن كان على حد من الفصاحة تقصر عنه قوى البشر، ومنتهيا إلى غاية لا يطمح إليها بالفكر . وكان محالا أن يعرف كونه كذلك إلا من عرف الشعر الذي هو ديوان العرب وعنوان الأدب” انتهى.
أما الصحابة الكرام فلنقول عنهم كثيرة في ضرورة تعليم الشعر؛ ومن ذلك:
- قال أبو بكرٍ الصديق رضي الله عنه: علِموا أولادَكم الشعرَ فإنّهُ يعلّمُهم مكارمَ الأخلاقِ. “نضرة الإغريض في نصرة القريض” (ص: ٦٥).
- كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري: مر من قبلك بتعلم الشعر؛ فإنه يدل على معالي الأخلاق، وصواب الرأي، ومعرفة الأنساب. العمدة في صناعة الشعر وآدابه ونقده ،ابن رشيق القيرواني.
- قالت عائشة رضي الله عنها: “علّموا أولادكم الشعر تعذب ألسنتهم”. “العقد الفريد” (٧/ ٧)
وبعد الصحابة سار الحكام على هذه المزية؛ فقد أوْصَى الرشيدُ الكسائيَّ بالأمينِ والمأمون، فكانَ من جملةِ وصيتِه: ”ورَوِّهِما من الشِّعرِ فإنّهُ أوفى أدبٍ يحُضُّ على معالي الرُتَب”
الشعر من حقوق الطفل
وكتب الفقهاء المتبحرين شاهدة بأن تعليم الشعر حق من حقوق الطفل ومافيه من أهمية الشعر له وفي بناء شخصيته.
على سبيل المثال قول الإمام نورالدين السالمي في تلقين الصبيان – ما يؤمر به ولي الصبي: ”يؤمر ولي الصبي أن يعلم الصبي القرآن العظيم وعلم الأدب من أشعارالعرب وسيرها وما يقبله حاله ويسعه ذهنه من الحكم الدنيوية والدينية
وله أن يضربه على ترك ما أمكنه من ذلك مراعاة للأصلحية له في حقه”
رسالة إلى إخوتي المربون والمعلون عن أهمية الشعر
إخوتي المربون والمعلمون:
إنكم إن علمتم الأطفال القرآن الكريم حفظا وتلاوة، وعلمتموهم أحاديث النبي الأمين صلى الله عليه وسلم، وعلمتموهم الفقه والسيرة، والعقيدة والأخلاق، ثم توهمتم أنهم في غنى عن أشعار العرب وآدابها، فاعلموا أنكم ابتدعتم منهجا في التعليم لا يعترف به الصحابة، ويأباه التابعون، وينكره العلماء المتبحرون.
إن القرآن لا يُمكن أن يُعرف إعجازه إلا بالشعر، ولذلك تجد كتب التفسير طافحة بالأشعار
وإن مكارم الأخلاق لا يُمكن أن تغرس تمام الغرس إلا بالشعر.
ولله در أبي تمام حين قال:
وَلَم أَرَ كَالمَعروفِ تُدعى حُقوقُهُ
مَغارِمَ في الأَقوامِ وَهيَ مَغانِمُ
وَلا كَالعُلى ما لَم يُرَ الشِعرُ بَينَها
فَكَالأَرضِ غُفلاً لَيسَ فيها مَعالِمُ
وَلَولا خِلالٌ سَنَّها الشِعرُ ما دَرى
بُغاةُ النَدى مِن أَينَ تُؤتى المَكارِمُ
أبي تمام
قال أبو بلج عن أهمية الشعر
ولذلك من كان في شك من ارتباط مكارم الأخلاق فليقرأ أول مقطوعة في #ديوان_العرب_للأطفال ؛وهي مأخوذة من لامية العرب للشنفرى؛ حيث يقول:
وَإنْ مُـدَّتِ الأيْدِي إلى الزَّادِ لَمْ أكُـنْ
بَأَعْجَلِهِـمْ إذْ أَجْشَعُ القَوْمِ أَعْجَلُ
وَمَـا ذَاكَ إلّا بَسْطَـةٌ عَـنْ تَفَضُّـلٍ
عَلَيْهِـمْ وَكَانَ الأَفْضَـلَ المُتَفَضِّـلُ
أُديـمُ مِطَـالَ الجُـوعِ حتّـى أُمِيتَـهُ
وأضْرِبُ عَنْهُ الذِّكْرَ صَفْحاً فأَذْهَـلُ
وَأَسْتَـفُّ تُرْبَ الأرْضِ كَيْلا يُرَى لَـهُ
عَلَـيَّ مِنَ الطَّـوْلِ امْـرُؤٌ مُتَطَـوِّلُ
لامية العرب للشنفرى
حينها قُلت أنا
ولو أردت أن أحصي المرات التي ألح فيها شيخنا الخليلي – حفظه الله – على ضرورة العناية بالشعر، وتحفيظه الصغار، وتخصيصه بمجالس يُنشد فيها لما وسعتني هذه العجالة.
وقد ذكرت ذلك في كتاب #رجل_من_السماء أنه فاكَهنا بالشعر ونحن في عراص منى. ألا فلنستجب لنداء أولي الأمر؛ علمائنا الأبرار، ولنجعل تعليم الشعر ضمن مناهج الصغار والكبار.
في النهاية من أراد نصيحة خاصةً بكتب بعينها تعين الناشئة على أن ينهلوا من معين الشعر فليراسلني بالواتساب.
وكتبه أبو بلج عبدالله بن عامر العيسري
ليلة ٢٨ من جمادى الآخرة ١٤٤٥