تعليم الصلاة للاطفال في 16 خطوة

طفل يقوم بالصلاة في المسجد.

جدول المحتويات

بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, وصلَّي الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد, أيها الإخوة المؤمنون, السلام عليكم جميعاً ورحمة الله تعالى وبركاته,
وأحييكم في هذا اللقاء المبارك في هذا المسجد الذي طالما شهد إقام الصلاة وذاق الناسُ فيه حلاوة الإيمان,
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعاً لأن نكون ممن يقيمون الصلاة ويؤدُّونها كما شرع ربنا ذو الجلال والإكرام.

ستة عشر خطوةٍ لتعليم إبنك الصلاة

16 خطوةٍ لتعليم إبنك الصلاة.

الموضوع المطروح بعنوان ستة عشر خطوة لتعليم إبنك الصلاة. والذي دعاني إلى طرح هذا الموضوع هو ما تلمسونه جميعاً من إقبال مُتزايد –ولله الحمد- من حيث الكم على المساجد. فالمساجد التي كانت تشكو بالأمس من أنَّها قد قُصرت على كبار السن الذين تأهَّبوا لتوديع هذه الحياة, أصبحت اليوم تعج وتضج بكثرة روادها يتنافس فيها الصغار
قبل الكبار.

ولم يعد عجيبا ولله الحمد في كثيرٍ من بقاع العالم الإسلامي ليس في بلدنا فحسب أن تجد في الصف الأول من صلاة الفجر الكثير من الأطفال الذين لم يصلوا إلى العاشرة من العمر, فهذا واحد من المُبَشِّرات الكثيرة,
ومن مزايا الصحوة الإسلامية المباركة التي طالت العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه.


ولكن في مقابل هذه البشارة وهذه الأعداد المتزايدة من الذين أقبلوا على الله يوجد نقص في الكفاءات القادرة على أن توصِّل لهؤلاء المقبلين حقيقة الإيمان.

وإذا كان الأمر يتعلق بالصلاة فالأمر جِدُّ خطير لأن من شبَّ على شيء شاب عليه, ومن شاب على شيء مات عليه.
وهذا الطفل الصغير الذي يتردد على المسجد في اليوم والليلة خمس مرات,
ثم بعد ذلك يقتنع في قرارة نفسه بأنه قد أدَّى الصلاة كما ينبغي ولكنه لا يعلم في الحقيقة كيف يؤدي تلك الصلاة,
أو أنه مع الأيام لا يجد من يُحَفِّزه لكي يواصل المسير.

فإننا نخشى أن تنقلب الأمور بعد مدةٍ من الزمن, وكما شهدنا مداً نشهد جزراً وتراجُعاً.
ولذلك كان لابد من وضع خطوات وقواعد كيف نعلِّم أبنائنا الصلاة  حتى ينشأوا نشأةً صحيحةً قوامها الإيمان بالله وقوامها آداء الصلاة والتعلُّق بالمسجد والإمتثال لأمر الله تعالى في كل أمرٍ من الأمور .

في هدي الحبيب لتعليم الصلاة

عبارة "محمد صلى الله عليه وسلم".

ومنطلقنا في هذا اللقاء قول المصطفى- صلى الله عليه وسلم – علِّموا أبناءكم الصلاة لسبع, وإضربوهم عليها لعشر, وفرِّقوا بينهم في المضاجع.
قول الله سبحانه وتعالى عن إسماعيل عليه السلام:”وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا”.


وقوله سبحانه على لسان أحد عباده الصالحين: “رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ”
وقوله تعالى: “رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا”.
وكيف يكون الولد قُرَّة عينٍ لوالديه إن لم يكن مقيماً للصلاة.

الحديث النبوي الشريف يدل أن تعليم الأبناء الصلاة يكون بمجرد دخولهم سن السابعة حسب التقويم الهجري,
فبمُجَرَّد أن ينهي الطفل ست سنوات قمرية يكون قد دخل في سن السابعة, وينبغي للوالدين أن يشرعا في تعليمه الصلاة.


ولكن ليس في الحديث نهي عن تعليم الطفل الصلاة قبل سبع سنوات, فالحديث فيه دلالة على أن الوالدين مُطالَبان بتعليم الإبن الصلاة قبل سن السابعة, لكن إذا كان الطفل مهيئاً لأن يتعلم الصلاة قبل السابعة فلا يوجد في الحديث
ما يدل على أنه لا ينبغي للإنسان أن يعلمه الصلاة قبل ذلك. 

ومن هنا فإننا سوف نُقَسِّم هذه الخطوات مناصفةً, الثمان خطوات الأولى فيما يَتَعَلَّق بالطفل قبل أن يدخل إلى
سن السابعة, والثمان خطوات الأخرى هي للطفل الذي وصل إلى سن السابعة إلى أن يصل إلى العاشرة من عمره ، وسنراعي قدر الإستطاعة أن تكون الخطوات الأولى هي خطوات فيها نوع من التحبيب والتشويق أكثر من
كونها تعليماً لأداء الصلاة, بخلاف الخطوات الثمان التي تكون بعد وصول الطفل لسن السابعة.

الخطوات قبل وصول الطفل لسن السابعة: 

أن يحرص الأب والأم على آداء السنن الرواتب أمام عيني الأطفال

أب يمسك بيديّ طفله وهو يصلي يعد هذا المشهد من مشاهد تعليم الصلاة للاطفال.

 وفي هذا وردت الكثير من الأدلة من السنة النبوية على صاحبها-عليه أفضل الصلاة والسلام- ، من ذلك أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلَّم يقول: “أيها الناس صلُّوا في بيوتكم فإن أفضل الصلاة صلاة المرئ في بيته إلَّا المكتوبة”, فالأفضل أن يؤدي الإنسان السنن في بيته.


ومن ضمن الأسباب أنه يجعل الأطفال ينظرون إليه والتَلَقِّي بالرؤيا والمشاهدة يكون أكثر تأثيرا في النفس من
التَلَقِّي عن طريق التلقين الشفهي بالكلام.

فالأب الذي يقول لإبنه دائماً أن الله يأمر بالصلاة وأن على الإنسان أن يصلي, أو أن يأمر إبنته أن تصلي وهي في
حياتها لم تشاهد والدها مرة واحدة يصلي, حتى لوكان يصلي بالمسجد لكن تأثير كلامه ذلك لا يكون مثل تأثير الأب
الذي إذا صلى الفريضة ودعا ربه سبحانه وتعالى وخرج من المسجد, وتراه يصلي السنن والنوافل في كل يوم في المنزل.
وهذا الكلام ينطبق على الأم كما ينطبق على الأب.


ولكن قبل أن ننتقل إلى الأم دعونا نذكر أن السيدة عائشة –رضي الله عنها- لما نقلها الرسول صلى الله عليه وسلم
إلى بيته كانت تبلغ من العمر تسع سنوات, معنى ذلك أنها كانت طفلة, ونلاحظ أن كثيراً من الأحاديث المتعلِّقة
بالصلاة, وصفة الصلاة, وكيف كان الرسول يصلي, وماذا يقرأ وماذا يقول, ستجد أن كثيراً من تلك الأحاديث رَوَتها
السيدة عائشة –رضي الله عنها- وقد مات عنها –صلوات ربي وسلامه عليه- لمَّا وصلت الثامنة عشر من العمر.
ومعنى ذلك أن مشاهدتها له وهو يصلي أوردتنا بعد ذلك هذا المخزون الكبير من السنة النبوية. هذا فيه إشارة
إلى أنَّك حينما تصلي أمام الطفل, فهذا يجعله يتأثَّر ويعرف ويتساءل. فهذه هي الخطوة الأولى.

الجهر بالنوافل الليلية

رجل يرفع يديه ويقوم بالدعاء.

لأنك إذا كنت تصلي سِرَّاً, فالطفل سوف يتعلم بعض الأمور. سوف يتعلم أن هناك قيام وهناك ركوع وهناك سجود, لكن ماذا تقول في صلاتك؟ قد لا يعرف الطفل ذلك.

الرسول – صلى الله عليه وسلم-كان حينما يصلي في الليل يجهر بصلاته ويروى عن الإمام السالمي -رحمه الله-
حينما كان في (القابل) وكانت مدرسته العلمية هناك.
في يوم من الأيام حينما أصبح الصباح قال له تلميذه: بالأمس لعلَّك لم تدع أهل القابل ينامون.


لماذا؟ لأنه كان يصلي, فجَهَر بالقرآن في نافلته تلك فَعَلى صوته بدون أن يشعر ربما من كثرة ما كان يستَلِذّ قراءة
القرآن الكريم في صلاته تلك. من العلماء من قال بأن قيام الليل يبدأ من حضور الليل مباشرةً, معنى ذلك أنك
حينما
تعود إلى المنزل بعد صلاة المغرب, يوجد هناك قول بأن قيام الليل من الممكن أن تبدأ به.
فمعنى ذلك أنك يمكن أن تصلي ركعتي النافلة في المنزل من غير السنن المؤكدة, السنن الرواتب, تصلي ركعتي النافلة, تجهر فيهما بقراءة الفاتحة, ويمكن أن تجعل الركوع بجهرٍ خفيف, وتجعل ذلك من باب التعليم لذلك الطفل,
حتى يعرف ما الذي يُقال في هذه الصلاة. ومع الأيام الطفل ستجده بدأ يحفظ الشيء الكثير قبل بلوغه السابعة.

مواقف من عهد الصحابة تساعد في تعليم الصلاة للاطفال

هذه الطريقة, أو قريباً منها طبَّقها, الصحابي الجليل عمرو بن سَلَمَة -رضي الله عنه- فقد جاء قومُه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأسلموا وقالوا يا رسول الله إجعل لنا إماماً, لأننا ناس حديثي العهد بالإسلام, لا نعرف صلاة ولا قرآن
ولا نحو ذلك، فقال:”هل منكم من يحفظ شيئاً من القرآن؟”، فابتَدَر عمرو بن سلمة, وبعض الروايات تقول بأنه
كان ابن ست سنوات, وقال: أنا, وبدأ يقرأ ، فلمَّا سمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هذا إمامكم، فعيَّنه إماماً عليهم.

وبنفسه يحكي أنه كان يصلي بالناس في يوم من الأيام فمَرَّت بهم عجوز, ولمَّا سجد انكشف أو لم يكن بتمام ستره، فقالت العجوز استروا إمامكم ، فجمع الناس تبرعات و إشتروا له ثوبا, وقال فكنت بذلك القوب أفرح ما أكون.

حفظ القرآن

وعن حفظه للقرآن يقول: كنت أمر بالقوافل وأسمعهم ماذا يقولون وكان ضمن القوافل مسلمون فحفظت من ذلك قرآناً كثيرا، فلا يجب التقليل من أهمية تأثير ذلك على الطفل لأنك لو كنت تصلي ركعتين جهرا في الأسبوع أمام الطفل, ربما يتأثر وحينما تأتي المرحلة القادمة تجد أن الأمور يسيرة أمامه وأمامك كذلك.

أما بالنسبة للمرأة, فهي مُطالَبَة أكثر لأن طبيعة الحياة المعاصرة تقتضي من الأب أن يبتعد كثيراً عن بيته
للعمل لكن المرأة موجودة في كل يوم, والمرأة التي تعمل من داخل بيتها موجودة على مدار الساعة,
ففي بعض النوافل ينبغي أن تستدعي الطفل حتى يشاهد وتجهر في النوافل الليلية حتى يسمع الطفل ويتأثَّر.

إشراكه في النوافل من طرق تعليم الصلاة للاطفال

صورة ولد يقوم بالسجود اثناء الصلاة.

إذا كنت تصلي نافلة محض, ليست من السُّنن المؤَكَّدة ولا من الفرائض, فينبغي أن تُشرِك ذلك الطفل؛ تستدعيه وتطلب منه أن يقلدك: يركع حينما تركع, ويسجد حينما تسجد.هكذا يفرح الطفل ويرى أنه قد بلغ مبلغ الكبار الذين أصبحوا يُصَلُّون بالتالي تكون قد حققت أسلوب من أساليب تعليم الصلاة للاطفال.


فهذا له فائدة كبيرة، وهو كذلك سنة؛ حيث ورد في الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه حينما زارهم الرسول صلى الله عليه وسلم, وكذلك حديث ابن عباس حينما بات عن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول فَصَفَفْت خلفه,
وكان في ذلك الوقت غلام، لأن ابن عباس حينما توفى الرسول صلى الله عليه وسلم كان مايزال صغيراً,
لكن مشاركته في تلك النوافل وهو طفل جعله يعرف كثيراً من الأمور التي تتعلَّق بالصلاة.


حتى الطفل الذي وصل إلى الثانية أو الثالثة صلي نافلة محض وقل له تعال صُفّ خلفي, سواء كان ذكراً أوأُنثى,
فذلك فيه نفعٌ عظيم بإذن الله تعالى. 

إشركه في بعض الكلمات

وكذك مما يتعلَّق بإشراكه في النوافل أن تطلب منه في بعض الأحيان أن يقول بعض الكلمات, مثلا تكبيرة الإحرام
وهي نفسها تكبيرة الركوع والسجود, فالطفل لمَّا يشارك في النافلة ولم يقل شيئا ربما يَمِلّ.
وإذا كان حافظاً للفاتحة أطلب منه أن يقرأها بعد أن يقول الله أكبر، فهو يشعُر بأنه قد صلى وانت تكون حققت نهج تعليم الصلاة للاطفال.


بعض الأطفال قبل إكمال سن الثالثة يحفظون الفاتحة ويحفظون الكثير من القرآن, فلمَّا تقول له بأن يقرأ الفاتحة تكون قد قطعت شوطا وحسَّست ذلك الطفل بأنَّه يُصلِّي, لأنَّه قرأ شيئاً في صلاته تلك.

لـ تعليم الصلاة للاطفال يجب إدخال الصلاة عنصراً في القصص التي تحكيها

طفل يمسك مصحف ويقوم بقراءة القرآن وهذا يساعد في تعليم الصلاة للاطفال.

أحسب بأنكم جميعاً تحكون القصص لأطفالكم لأنَّكم توقِنون بأن القصة هي العنصر التربويّ العظيم بالنسبة للأطفال، يقول تعالى: “فَاقْصُصِ الْقَصَصَ”.
والآن الدراسات العلمية الكثيرة المُتوالية تثبت أن القصة عنصر أساسي في حياة الطفل ومهمة في تعليم الصلاة للاطفال.

وهناك دراسة حديثة أُجرِيَتْ في جامعة أوكسفورد البريطانية عبر متابعة لحياة الكثير من الناجحين والمُخفقين, فَوَجَدُوا بأن أولئك الناجحين الذين تفوَّقوا في مجالات الحياة المختلفة كانوا يَتَلقَّون شَكايا قبل النوم من آبائهم وأمهاتهم,
وأمَّا أولئك الذين يعيشون قطيعة مع الوالدين, فإنَّهم نَشَأوا قلقين متوترين, تنتابهم الهواجس الكثيرة.
فإذا كنت تقص القصص فادْخِل الصلاة عنصراً من عناصر القصة.


مثلا تحكي قصة لولدك وتقول  له: (كان أحمد ذاهباً للصلاة في المسجد, وعندما همَّ بالذهاب, لّبِسَ ثياباً نظيفة
وعندما ذهب هناك صلى والله سبحانه وتعالى أعطاه
الكثير من الحسنات )، فالطفل إذا كان في كل مرة يسمع قصة تكون الصلاة عنصراً فيها ينشأ الطفل محباً للصلاة. بعض الآباء جَرَّبُوها فكانت النتيجة أن الطفل بدأ يسأل متى أذهب للصلاة، لأن تلك القصص كانت بمثابة الدعاية الإعلانية للصلاة قبل أن يصل الطفل إلى سن السابعة، وتجد أن هؤلاء الأطفال يستعجلون اليوم الذي يصلون فيه للسابعة حتى يذهبوا للمسجد.

الكتب والأشرطة تساعد في تعليم الصلاة للاطفال

مجموعة كتب سلسلة رحلتي مع أركان الإسلام لــ تعليم الصلاة للاطفال.

حتى الطفل الذي لا يعرف القراءة والكتابة يمكنه أن يستمع إلى الشرائط, فمثلا قبل مدة مؤسسة (سفير) قامت
بإصدار شريط أناشيد رائع عنوانه أركان الإسلام ومن ضمنِهِ أناشيد عن الوضوء والصلاة، كالنشيد المشهور ل(يوسف العظم):

بني توضَّأ بماءٍ طهور   **  فماء الوضوء لوجهِكَ نور

 وشريط من سلسلة (تعلَّم معنا), شريط (الصلاة) من إصدارت تسجيلات مشارق الأنوار، كتاب (الصلاة) الذي أصدرته مكتبة (الجيل الواعد)، وغير ذلك من ملصقات لأناس يُصَلّون خاصة إذا كانت صور لأطفال. فهذا الطفل الذي لا يتقن القراءة والكتابة ولكنه يسمع ويتأثر والصور تؤثر في نفسه.
وهناك حقيقة علميَّة أن الطفل قبل سن المدرسة تؤَثِّر فيه الصور أكثر من أي أمر آخر.
فإذا كنت تُقَلِّب مجلة ومرت صورة بنت صغيرة تلبس ملابس مُعيَّنة وكانت لديك بنت صغيرة, في أغلب الأحيان
ستقول لك أريد ملابس مثل هذه الملابس وإذا كان لديك طفل ورأى شيء فيقول أنا أريد مثل هذا الشيء,
خاصة إذا كانت الصورة المتكررة سوف تساعد في تعليم الصلاة للاطفال.


فإذا كانت المجلَّة موجودة وباستمرار, تسأله ماذا يفعل هذا؟ فيقول لك هذا يركع وهذا يسجد وهذا كذا, فهذه إحدى الوسائل التي تُحَبِّبْ الصلاة إلى الطفل قبل سن السابعة.

اشتري له بعض المواد المُتَعَلِّقة بالصلاة

طفل يجلس على سجادة ويمسك بمسبحة بيده.

مثلا توجد سجادة بحجم صغير مخصَّص للأطفال, وهذه رأيتُها كثيراً في مكة المكرمة.
وستكون أفضل هديَّة للطفل حتى لو كان الطفل في عمر السنتين وسترى أنه سيحاول على الأقل من باب لفت
الإنتباه إخراج السجادة من الدولاب حتى يُريك أنه يركع ويسجد ويقول أنا صليت.


كذلك من بين الأمور المتعلقة بالصلاة المسجد نفسه, فتوجد مُجَسَّمَات على شكل مسجد, وتوجد ساعات وألعاب على شكل مسجد.
وهذا فيه ربط للطفل بالصلاة, فتجد أن الطفل يتكرر هذا المشهد أمامه باستمرار, فيفكر بأنه عندما يكبر سيدخل من باب المسجد وهذه المنارة, وسوف تستطيع تعليم الكثير من المفاهيم المتعلقة بالصلاة للطفل عن طريق تلك اللعبة.

إطلاعه على الصلاة في التلفاز والأفلام

طفل يشاهد التلفاز وهو يعرض جموع مصلين يسجدون مشاهدة التلفاز لجموع من المصلين يساعد في تعليم الصلاة للاطفال.

فلمَّا يرى الطفل الناس دائماً يصلون وتقول له عندما تكبر أين ستقف فيقول أنا أقف هنا أوهنا, وإذا كان الطفل
يرى ذلك المشهد بإستمرار خاصة إذا كانت الأم موجودة بالمنزل وبُثَّتْ صلاة الجمعة, فتستغل تلك الفرصة
حتى يرى الأطفال تلك المشاعر.
وقد يقول البعض لماذا لا أطلِعْهُ على الصلاة مباشرة وآخذه معي للمسجد؟
حقيقةً لا أعرف الحكم الفقهي في هذه المسألة لأنه إذا كان الطفل صغيراً جداً دون الخامسة يكون نجساً في كثيرٍ
من الأحيان لأنه لم ينتبه أولم يخبر والديه بأنه لَوَّث ملابسه أو نحو ذلك, فلذلك قد يكون فيه محذوف.


لكن إذا وصل الطفل إلى سن يستطيع فيها التحكم في نفسه, أو أن الوالدين يبدِّلان له الملابس ويُنَظَّف كاملاً, وبشريطة أن يكون المسجد صغيراً وليس فيه الكثير من الأطفال, حتى لا يصبح المسجد مثل رياض الأطفال وتثور الضوضاء وهذا يجعل المُصَلِّين لا يستطيعون أن يُؤَدُّوا الصلاة حقَّها.

ولذلك ينبغي أن يرى الطفل الصلاة عن طريق التلفاز. وإنْ كان ولا بد من ذلك فهذه هي الخطوة الثامنة.

أخذ الطفل للعمرة

أب يرتدي زي الإحرام ويمسك بيد أطفاله الذين يلبسون ملابس الإحرام ايضاً.

لأن الطفل إذا أخذته للعمرة فلابد أن يدخل المسجد الحرام ويرى القبلة التي يتَّجه لها المسلمون في صلاتهم.
وعمرة الصبي وحَجُّهُ وردت بها الأدلة من ذلك حديث المرأة التي سألت الرسول صلى الله عليه وسلم حينما رفعت رضيعاً وقالت يا رسول الله ألهذا حج؟ فقال نعم ولكِ أجر.

ولذلك لابد أن يطوف ويسعى وأن يتواجد بالمسجد الحرام.
والآن في بلادنا أصبحت تكاليف العمرة ميسرة للعائلة وإن لم تجد فيها المتعة الكاملة ولم تتفرغ للعبادة تفرُّغاً تاماً
إلَّا أنك تكون قد أدَّيت أمراً آخر وهو أنك ربطت الطفل بالصلاة لأنه سيشهد أكثر من صلاة مع تلك الجموع الغفيرة والآلاف المؤلَّفة من المسلمين, وترسخ مشاهد الكعبة والسَعي والطواف والإحرام والصلاة ونحو ذلك في ذهنه.
وبذلك تكون قد رسَّخت هذه الفكرة في ذهنه, وأعَنتَه على أن يؤَدِّي الصلاة, وعلى أن يَتَعَلَّق بالصلاة.

الثمان خطوات بعد وصول الطفل إلى سن السابعة: 

تعويدُه على شروط الصلاة

أم تساعد ابنتها على ارتداء الحجاب.

بعد وصول الطفل إلى سن السابعة يُعَوَّد على شروط الصلاة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ” مُروهم بالصلاة لسبع” فالصلاة هنا تشمل كل ما يتعلّق بالصلاة وليس صفة الصلاة فحسب, مثلاً من شروط الصلاة اللباس الساتر.

فالطفل عند وصوله سن السابعة يُعَوَّد على أن يكون لباسه ساتراً, والبنت تُعَوَّد إذا خرجت من المنزل أن لا يخرج منها سوى الوجه والكفَّين.

والآن أصبحت المسألة يسيرة بالنسبة للجسد ماعدا الرأس توجد الملابس الطويلة التي تتناسب مع الطفلة حتى لوكان سنها شهرين، وبالنسبة للرأس توجد حُجُب جاهزة لا يحتاج إلى لف أو أمرٍ آخر,مُجَهَّز خصِّيصاً للبنات الصغيرات.
وبالنسبة للولد والحمد لله مجتمعنا ما زال محافظاً على اللباس الذي تُقي من تعاليم الإسلام, وبدل أن يلبس
السروال القصير إلى فوق الركبة, بمُجَرَّد أن يصل إلى سن السابعة عليه أن يُعَوَّد على اللباس الساتر.


فالطفل أراد أبوه أن يعلِّمه الصلاة فبدأ يأخذه للمسجد وهو يلبس لباساً قصيراً, وهو في الثامنة أو في التاسعة, هذا يتنافى مع حرمة المسجد ويتنافى مع تعويد الطفل على الستر فضلا عن الأضرار الأخرى التي لا نريد أن نطيل بذكرها. على كل حال, اللباس شرط من شروط الصلاة, والطفل بمُجَرَّد وصوله سن السابعة يُعَوَّد على الستر, وتُغرَس في نفسه ترك ذلك اللباس القصير. وهذه خطوة نحو تعلَّمه الصلاة وكافة تعاليم الإسلام الأخرى.

امرأة من المذهب الشيعي

 إلتقيت بإمرأة من المذهب الشيعي فقالت: هل أنتم الإباضية عندكم أن الفتاة لا تعود على الحجاب إلا إذا بَلَغَتْ
فقلت لها لا، قالت لأنني وجدت أن كثيراً من فتياتكم يأتين إلى هنا -وكان هذا في مكانٍ عام- والواحدة تصل إلى العاشرة والحادية عشر, ولكنها تلبس لباساً غير ساتر، ولما سألت الأمهات والآباء الذين يعرفون مذهبي قالوا: هذه تعاليم
مذهبك أما تعاليم مذهبنا تختلف، فقلت لها هؤلاء أفتوا عن جهل ، وإلَّا فالإمام السالمي –رحمه الله- في (مدارج الكمال) لمَّا تحدَّث عن الحيض استثنى منه أمور من الدماء التي تخرج من المرأة, فقال من ضمن الدماء التي تخرج ولا تعتبر حيضاً ما خَرَجَ من قُبُل بنتٍ لم تصل إلى التاسعة من عمرها فتلك علَّةٌ يقينا.


معنى ذلك أنَّها إذا وصلت إلى سن التاسعة وخرج منها الدم  فذلك دم حيض فتكون بذلك بالغةً مُكَلَّفة,
مثلها مثل بقية المكلفين.
فإذا كانت لا تُعَوَّد على أن تلبس الحجاب بعد أن تُكمل السادسة متى ستتعوَّد؟، وهذا خلل في التفكير وهذه النقطة يجب أن تراعى سواء بالنسبة للذكور أو بالنسبة الإناث.

الطهر من شروط الصلاة ومهم ان يكون ضمن أساليب تعليم الصلاة للاطفال

كذلك من شروط الصلاة الطهر فيُعَوَّد الولد ويُعَلَّم كيف يتطهَّر ويغسل نفسه من الأرجاس والنجاسات.
لذلك الإمام السالمي في (تلقين الصبيان) بعدما انتهى من المقدمات العقائدية شرع مباشرةً في آداب قضاء الحاجة, وهكذا فعل في (المدارج) و(المعارج), وهكذا فعل كثيرٌ من الفقهاء, لأن الطهارة عنصرٌ أساسي من عناصر الشخصية المؤمنة, وجزء لا يَتَجَزَّأ من نسيج حضارتنا الإسلامية.
إذا ذُكرت الحضارة الإسلامية ذُكر معها الماء مباشرةً, فلذلك لابد أن يُعَلَّم الطفل كيف يغتسل من النجاسات وكيف يغتسل من الجنابة إذا بلغ. ومن حكمة الإمام السالمي سماه (تلقين الصبيان), والصبيان هم الذين لم يبلغوا,
ومع ذلك تجد فيه علامات البلوغ وكيفية الوضوء وكيفية الغُسل من الجنابة ونحو ذلك, لأن هذا من باب التهيئة
كي لا يبلغ ويكبر وهو جاهل بكيفية الغسل من النجاسات والجنابة, وهذا معناه أن صلاته غير واقعة كأنه لم
يصلي طيلة حياته.


وهذه الخطوة ينبغي أن تكون مباشرة بمُجَرَّد أن يصل إلى السابعة يحدد الأم والأب جلسات لهؤلاء الأطفال فيها تعليم وإرشاد. لكن قد يقول قائل: أنا بنفسي لا أعرف هل أنا على بصيرة في هذه المسألة أم لا فأخاف أن أعلمه بطريقة خاطئة. الحمد لله الآن الكتب متوفرة, والأشرِطة كثيرة, والمشايخ أرقام هواتفهم معروفة, وحلقات المساجد,
وتكون بذلك قد وفرت له الوسائل حتى يتعلم وتعلمت أسلوب من أساليب تعليم الصلاة للاطفال.

أخذه للمسجد

طفل ينظر إلى والده ويقوم برفع يديه مثله.

لا تذهب للمسجد بنفسك، بعض الآباء يبذلون جهوداً حتى يتعلَّم إبنهم الصلاة لكن إذا أتت صلاة الفجر فيصليها وحده في ركن من البيت أو يستيقظ بمقدار أن يتوضَّأ ويذهب للمسجد بسرعة وجاء للولد يوقظه بسرعة ويتركه وهذه ليست طريقة، فحتى لوكنت قد طبقت الخطوات المذكورة سابقا فنفسه لا تأمره بالصلاة.

علم طفلك أن الصلاة واجبة على المؤمنين


النفس أمارة بالسوء وهذا طفل لازال لم ترسخ في قرارة نفسه أن الصلاة واجبة على المؤمنين, ولم يرسخ في ذهنه قول الله تعالى: “إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا” وأن صلاة المسجد تعدل صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة، فلذلك لا بد أن تحسب حسابك إذا كان إيقاظ الطفل يستغرق 10 قائق قَدِّم الساعة 10 دقائق,
وإذا كنت تحس أنك لم تشبع نوم فعليك أن تُقَدِّم موعد نومك، هذه مسئوليتك ومهمة في تعليم الصلاة للاطفال.


وكذلك بالنسبة للمرأة إذا كان الأطفال ذكوراً أو إناثاً لابد أن تسعى حتى توقظهم وتقنع الطفل بأن يذهب مبكراً للنوم وتوقظه قبل وقتٍ كافٍ بحيث يتوضأ ويذهب معك لصلاة الفجر من أول يوم. 

قصة إمراة من عوام الناس

وأنا أذكر عن إمرأة من عوامِّ الناس انتقلت إلى رحمة ربِّها, كان عندها ولد فلمَّا وصل إلى الثامنة والثلاثين من العمر توفَّاه الله قبلها. وفي يوم العزاء حينما كان الناس يبكون هذا الإنسان قالت: منذ أول يوم بدأ يذهب فيه إلى المسجد ما عهدته صلى صلاةً واجبة منفردة أبدا، لما جئنا لنسأل قيل بأن هذه الأم حرصت على أن تسأله عن كل صلاة منذ أول يوم بدأ يذهب فيه للمسجد, واستمرت على ذلك المنوال مثل الرقيب, والده يأخده إلى المسجد وهي تسأله.

فيا أخي أقنع هذا الولد باللُطف واللين بأن يذهب للمسجد من أول يوم, فإذا تَعَوَّد على ذلك سيسلك الطريق المستقيم بحول الله تعالى.

مراقبة آداء الصلاة يساعد في تعليم الصلاة للاطفال

صورة طفل يقوم بالسجود اثناء الصلاة حث الأطفال على الصلاة من طرق تعليم الصلاة للاطفال.

أخذته للصلاة في المسجد مشكوراً, وليت كثيراً من الناس يفعلون مثلما فَعَلْت, ولكن هذا لا يكفي, فلابد من أن
تراقب آدائه للصلاة. فبمُجَرَّد أن تنتهي من صلاة الفريضة, إذا صلَّيت بعض السُّنن في المسجد, فكن حريصاً في
الأيام الأولى على أن يُصلّي عن يمينك, وقل له صلِّ كما تراني أصلي،


يقول صلى الله عليه وسلم: “صلوا كما رأيتموني أصلي”، فهو مثل الوالد بالنسبة لنا, فمن مسؤوليات الوالد أن
يعود ولده على الصلاة بخشوع فإذا ركعت وقلت سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم،
سبحان ربي العظيم والولد عن يمينِك فلا شك أنه سيجد الوقت الكافي ليقول سبحان ربي العظيم بنفس الطريقة
التي قلتها.

لكن إذا غابت عين الرقيب, فما أن تكمل صلاتك يكون الولد غير موجود بالمسجد ويقول أنا صليت السُنَّة
وصلِّيت الوتر وخلصت كل شيء كله في غُضون وقت قصير لأنه لا يوجد رقيب, ” عهوداً على عين الرقيب اختلستها”. لكن عند وجود الرقيب فإن الأمر يختلف. 

عندما يصل لسن الثامنة

طفل يرتدي ثوب ويصلي ويضع يديه على صدره.

وعندما يصل إلى سن الثامنة تعطيه القليل من الثقة بأنه سيؤدي الصلاة كما ينبغي لكن مع مراقبته من الخفاء
(بنصف عين), مثلا عندما يسجد قل في نفسك سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى فإذا
قام قبل أن تُنهي الثلاث مرَّات, فإنَّه لم يكن يأتي بالتسبيح كما ينبغي.


كذلك بين الحينة والأخرى إذا كنت غائباً عن المسجد, اسأله هل صَلَّيت صلاة الفجر في المسجد؟, يقول لك: نعم،
اسأله هل صليت السنة قبل الفريضة أم أنَّك دخلت مع المُستَدرِكين؟, كم مُعَدَّل الاستدراك هذا الأسبوع؟ يزيد على الصلوات التي صَلَّيتها في جماعة أم لا؟
فإذا قال نعم أوقال لا وكان صريحاً معك، فأنصحك بأن تعد جَدْوَلاً يحوي أيام الأسبوع ويحوي صلوات الأيام كُلُّها,
ويُمكن أن تضع أرقاماً, فإذا صلَّى الصلاة منفرداً ولم يدرك الجماعة, ضع الرقم 0 وإذا صلَّى مستدركا ضع الرقم 1
وإذا صلى بمُجَرَّد أن بدأت الصلاة ولحقها وهي تبدأ أكتب 2  أمَّا إذا بكَّر للمسجد بمقدار أن يُصَلِّي ركعتين لله تعالى ويقرأ شيئاً من القرآن أو يُسَبِّح أكتب 3، وبعد نهاية الأسبوع قل له يا ولدي هذا مجموع درجاتك ما رأيك لو نَتَّفِق
على أن يكون في الأسبوع القادم أحسن من هذا؟ ألا تريد إذا جئت غداً بين يدي الله وعُرِضَت عليك صحائف أعمالك
أن تجد الدرجات الكثيرة؟ تَخَيَّل أن هذا الكتاب هو كتاب أعمالِك،


خشية أن تقول ” مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً”.
مثل هذا الأسلوب سيجعل الطفل من خلال تلك الرقابة والمُحاسبة يرى صحيفة أعماله كأنَّما تُعرَض بين يديه,
وأنصحك بأن تعد هذا الجدول لنفسك لأنك القدوة, لأن هذا الطفل مُطالَب بأن يفعل ذلك وعليه رقيب, وربما تكون
أنتَ آخر من يصل للمسجد وأول من يخرج منه, فمن سيصَدِّق الطفل الأقوال أم الأفعال.

مكافأته على حسن الأداء يساعد في تعليم الصلاة للاطفال

طفل يقوم بالتسميع ويشعر بالسعادة قراءة القرآن بعد الصلاة يساعد في تعليم الصلاة للاطفال

في الإسلام الإنسان يجازى بما عمل. ” مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ”,
” فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ”, فكافئهُ على حسن الاداء, والمكافأة هنا يجب
أن تكون معنوية, وتكون بكلمة طيبة بين الفترة والفترة, مثل أن تقول له ماشاء الله أنت محافظ الصلاة في جماعة،
أنت شاطر ،


أو أنت بطل أو أسد. فمثل هذه الكلمات تجعل الطفل يشعر بأنه أدَّى شيئاً ووجد نتيجته وجزاءه.
ومن المكافآت المعنوية كذلك أن تدعو له لأن دعاء الوالدين مستجاب, فدائماً ردِّد هذا الدعاء: “رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ”, هذا الدعاء سوف يكون عوناً لهم بإذن الله تعالى.
وهناك مكافآت مادية ربما يؤدِّيها الإنسان إذا كان الطفل ما يزال صغيراً, في السابعة من عمره مثلاً,
أو في الأيام الأولى, ولكن بعد ذلك ينبغي أن يَتَعَوَّد الطفل على أن الصلاة ليس فيها مكافأة مادية حتى يستشعِر أنَّها مَنُوطةٌ بالإخلاص والإنسان عليه أن يؤديها طاعةً لله سبحانه وتعالى وقربةً إليه بغضّ النظر عمَّا يناله من جزاءٍ دنيوي.

التَلَطُّف في الإنكار إذا أخطأ

قد يخطأ الطفل وقد يُقّصِّر وقد يكذب بخصوص صلاته, وقد يُقَصِّر فتأتي وتخبره أن صلاته لم تكن كما ينبغي،
بعض الآباء يتكلم الكلمة الأولى بلُطف, لكن الكلمة الثانية فكأنما هي حد السيف, وليس هذا هو المنهج الذي ينبغي.
أولا الحديث الذي ذكرناه في البداية قال: “علموهم الصلاة لسَبْع واضربوهم عليها لعشر” معناه أن المهلة التي
أعطانا إياها الرسول صلى الله عليه وسلم هي ثلاث سنوات، وغير مسموح فيها استخدام الضرب,
فمعنى ذلك أنه يحتاج لمدة طويلة للتَعَلُّم والتَعَوُّد على الصلاة, فتَلَطَّف في الإنكار بكلمات بسيطة أو
قصص فيها تذكير، بِحَضّ, بتحفيز،


فهناك فرق بين أن يمتَعِضْ الأب ويقول لإبنه كلام يجعله يحس أنه مُجَرَّد من الفضائل وأنه رزائلٌ محض,
وأن تُحَفِّزه وتقول له أراك في المستقبل من المُصَلَّين في الصف الأول باستمرار, لِأَنَّك رجل وثقتي فيك كبيرة
بأنك ستغلب الشيطان، وتخبره أنَّها مسابقة بينه وبين الشيطان فمن تريده أن يكسب؟ فهذه الكلمات اللطيفة تؤثر في الطفل أكثر من الكلمات الجارحة النابية.

والله تعالى قال لرسوله صلى الله عليه وسلم: “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ
لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ”, ويقصد الصحابة والمؤمنين ، فكيف بطفل صغير ما زال
لا يدرك ما يَسُرُّه وما يَضُرُّه, لا يستحق بأن يتلطَّف معه.
قال تعالى وهو يتحدَّث عن فرعون: “فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ”. إن الرفق لا يكون في شيءٍ إلا زانه
ولا يُنزَعُ من شيءٍ إلا شانه, فهذا الطريق هوالذي يجب أن تسلكه حتى تُعَوِّد إبنك على الصلاة.

إشراك الطفل في أنشطة المسجد يساعد في تعليم الصلاة للاطفال

طفل يمسك بقلم ويقوم بقراءة القرآن ويجلس على سجادة زرقاء ترتيل القرآن بعد الصلاة يساعد في تعليم الصلاة للاطفال.

المسجد عادة تكون فيه أنشطة كثيرة, خاصة في أيام المواسم والمُناسبات فاجعَل الطفل يشترك ولو بشيء يسير,
لأن معظم المساجد فيها لوحة بها آيات وأحاديث وكلمات وهكذا, فالطفل إذا وصل للسابعة يكون بالصف الأول الإبتدائي, دعه يكتب حديثاً بخط يدِهِ في ورقة, مثلاً “نية المؤمن خيرٌ من عمله”, أو “يا بُنَيّ, سمِّ الله, وكُل بيمينك, وكل ممَّا يليك”, كلَّها أحاديث ربما لا تزيد عن سطر واحد, وتقول له سنُعَلِّقها في المسجد وكل من يدخل إليه يرى أن هذا الحديث كَتَبَه فلان بن فلان الفلاني, فالطفل يفرح حين يشعر أنَّه قد أصبح عضواً فعالاً في ذلك المسجد.


وإذا كان عندك حاسب ألي والطفل لم يعرف القراءة والكتابة بعد, يمكن أن تقول له ضع إصبعك هُنا وهُنا وتجعله يستخرج الورقة. ثم اسأله من الذي كتب هذا الحديث فيقول أنا. وتضع ذلك الحديث في المسجد, فهذا يجعل الأطفال يتنافسون من أجل الحضور للمسجد لما فيه من أنشطة كثيرة لــ تعليم الصلاة للاطفال.
وبعض الشباب يُعِدٌّون مسابقات لهؤلاء الأطفال بعد انتهاء الصلاة والحلقات، فذلك الطفل يَتَحَفَّز بسبب مشاركته في أنشطة المسجد.
ومن بين الأنشطة تنظيف المسجد, نُكَوِّن فريق, ونقول أنَّ قائد الفريق هو فلان الفلاني الذي عمره تسع سنوات، وبالترتيب كل مرة على أحد الأطفال، فتلك المشاركة بالإضافة إلى العوائد الأخرى تجعل الطفل مرتبط دائما بالمسجد.

تقديمُه لإمامة النوافل

الخطوة السابعة هي تقديمُه لإمامة النوافل, خاصةً إذا كان حافظاً لأجزاء من القرآن الكريم, أو كان ذا صوتٍ حسن.
وهذا المنهج  كان ومايزال يتَّبعه شيخُنا العلَّامة المُرَبِّي “حمود بن حميد الصوافي ” -حفظه الله تعالى ومتَّعنا بعلومه، فكثير من الأحيان لمّا تأتي صلاة الشروق أوالضحى يُقَدِّم أحد الطلاب, كان في مدرسته في الماضي طلاب حتى من المرحلة الإعدادية, وكان يُقَدِّمهم لإمامة النوافل.

مشهد من مساجد الكويت

صورة علم دولة الكويت.

في أحد المساجد في الكويت, إن لم تَخُنِّي الذاكرة, كان لديهم طفل حافظ للقرآن الكريم كاملاً وكان ذا صوتٍ عذب، فقدَّموه ليصلي بهم صلاة التراويح طيلة شهر رمضان المُبارَك, كل يوم يقرأ جزءاً وهوما يزال دون العاشرة من عمره. 

مشهد من مساجد الدار البيضاء في تعليم الصلاة للاطفال

صورة علم دولة المغرب.

من المشاهد التي رأيتها في الدار البيضاء في المغرب أنَّهم في يوم الجمعة يأتون كل مرة بطفل يقرأ القرآن الكريم في المُكَبِّر قبل الصلاة, بشرط أن يقرأه عن ظهر قلب, فيشعر بأنَّه قُدِّم, وأن حفظه للقرآن وإتقانَه قد جعل له مَزِيَّة من بين بقية أقرانه. 

قدم لطفلك إمامة النوافل

فيمكن كذلك أن تُقَدِّم طفلك لإمامة النوافل في المنزل، فيشعر بأنَّه في الأمام, وأبوه وأمُّه وإخواته وإخوانه يركعون بعد ركوعه ويسجدون بعد سجوده, فهذا يعطيه دفعاً معنوياً لكي يحافظ على الصلاة في المسجد, ولكي يتعلَّم كيف
يركع ويسجد يعد هذا الأسلوب فعال في تعليم الصلاة للاطفال.


ومن فوائد هذا الأمر أنَّك سوف تستكشف الأخطاء, مثلاً الشيخ حمود بن حميد الصوافي -حفظه الله- كان بعدما ينتهي الإمام الصغير من الصلاة أن يدعو له ويقول له بارك الله فيك وأحسنت ويدعو له ويقول له: بأنَّ هناك هدية,
هل تريد أخذها؟ فيقول الطالب: نعم أريد أن آخذها، فيقول له: أنت اليوم لمَّا ركعت فعلت كذا وكذا, وكان المفروض
أن تفعل كذا وكذا, ولمَّا أنهيت الفاتحة لم تقف الوقفة القصيرة التي بين الفاتحة والسورة القصيرة.
فذلك ينتج عنه تحسُّن مُسْتَمِرّ في أداء ذلك الطفل.

المسابقات التي تكون بين الأطفال الذين يتعلمون الصلاة, خاصة الأطفال دون سن العاشرة

في أحد المساجد أقيمت مسابقة بعنوان (أصدقاء الفجر), وبعد ذلك صارت (فرسان الفجر)،كل طفل يحضر
لصلاة الفجر يسجَّل بأن فلان اليوم صلَّى صلاة الفجر, لأنَّها هي الصلاة التي فيها مشقَّة أكثر من غيرها,
خاصةً لأن النوم يكون أكثر متعة في فصل الصيف حيث النهار الطويل والليل القصير, وحيث يَغُطّ الإنسان في سُباتٍ عميق, ويُوَزِّع الشيطان المهام بين أبنائه يبولون في الآذان حتى لا يقوم الناس لصلاة الفجر.


لكن عندما تأتي مثل هذه المُسابقة,
تجد الأطفال يتنافسون. في ذلك المسجد كان يحضر الصلاة طفلان, وفي أول شهر من المسابقة وصل عدد الأطفال الذين يحضرون إلى أربعة عشر طفلا، ثم بعد ذلك أخذت النسبة في إزدياد لأنَّ هناك إثارة لروح التنافس بينهم في
حضور صلوات الفجر. 

هذه الخطوات تجعل أطفالنا يتعلَّمون الصلاة ويرتبطون بالمسجد

وهذه الخُطوات إنَّما هي جهدٌ بشريّ, وينبغي للمسلمين أن يكونوا حريصين على أنَّهم بعد الخروج من المُحاضرات أن يكونوا أكثر استفادةً من المُحاضرة نفسها, لأن المُحاضرة إنَّما تكون مُجَرَّد وَمَضات أو إشارات, أقترح بأن تكون هناك جَلَسات واقتراحات أخرى وتحكون لبعضكم البعض تجارب أخرى, والتجربة خيرُ برهان مع الإضافة والتحسين والتطوير, وبذلك نصل إلى مانَصبوا إليه من رفعةٍ وعزَّةٍ, وسُؤْدَد وقد نكون حققنا أساليب فعالة لــ تعليم الصلاة للاطفال.

في النهاية نسأل الله عزوجل

واللهُ سبحانه وتعالى نسأل أن يوَفِّقنا إلى ما يحب ويرضى. اللهم اجعل جَمعَنا هذا جمعاً مرحوما, واجعل تَفَرُّقنا
من بعده تَفَرُّقاً معصوما, ولا تجعل فينا ولا مِنَّا ولا معنا شقيَّاً ولا محروما. ربنا هب لنا من أزواجِنا وذرياتنا قُرَّة أعْيُن وإجعلنا للمتقين إماما، اللهم وفِّقنا لما تحبُّ وترضى.

اللهم إجعلنا ممَّن يقيمون الصلاة, وممَّن يؤدُّونها بشروطها
وأركانها كما تحبُّ وترضى, وإجعلها يوم القيامة لنا نوراً وبرهاناً, وصلِّ اللهم وسلِّم على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سبحانك رب العِزَّة عمَّا يصفون, وسلامٌ على المُرسَلين, والحمد لله رب العالمين والسلامُ عليكم جميعاً ورحمة الله تعالى وبركاته .